يظن بعض الفاعلين في الفضاء العام أن هناك ترادفاً بين مفهوم الشورى ومفهوم الديمقراطية ، وهذا خطأ ظاهر ، ونحاول هنا أن نؤكد على الفروق الكثيرة والجوهرية بين نظام الشورى الإسلامي ونظام الديمقراطية الحداثوي، ونذكر هنا سبعة فروق بينهما :
1/الأصل المكوّن للشورى :
الأصل المركزي المكون للشورى هو أن الحكم لله ، بينما الأساس الفلسفي للديمقراطية هو أن الحكم للشعب؛ فالبيئة المجتمعية التي أنتجت الديمقراطية فلسفتها مادية بحتة لا تقر بوجود الخالق أو تقر بجود خالق عاجز عن الحكم – تعالى الله عن ذلك -.
2/ النطاق الذي تُطبّق فيه الشورى:
فالشورى تطبق في (ما لا نص فيه من الشرع) ،فليس هناك شورى في ثوابت الدين و أصوله و قطعيّاته ، بينما الديمقراطية لا ثوابت شرعية لها و إنما ما يهواه الشعب يسير وراءه بغض النظر وافق الشرع الرباني أم لا؛ فهي خالية عن المكوّن الديني و تطلّب مُراده.
3/الأساس التقييمي :
الأساس التقييمي في الشورى هو قوة الدليل و صحة الرأي نقلاً أو عقلاً أو حساً وفق منظور المعرفة الإسلاميّة ، بينما الأساس الديمقراطي هو كثرة الناخبين و إن كان رأيهم فاسداً عقلاً أو حساً فضلاً عن أن يكون فاسداً نقلاً.
4/القيمة العُليا المُطلقة:
في نظام الشورى هي (العدل=و هو إعطاء كل ذي حق حقه)، بينما القيمة العُليا المُطلقة في النظام الديمقراطي هي (المساواة) بغض النظر عن تحقق اعتبارات الفروق المؤثرة التي قد تكون في كثير من صورها = ظلماً – و إن سُمّيت مساواةً -.
5/تحقق الوجود الخارجي عبر التاريخ:
الوجود الخارجي لنظام الشورى في واقع طرف من التاريخ الإسلامي = متحقق ، بينما الديمقراطية كفلسفة فهي حبيسة الأوراق ، فلا وجودَ لها في الخارج، و هي مجرد تصور ذهني فقط، و لم تُطبّق حتى الآن و لا حتى الديمقراطية المباشرة التي كانت في آثينا لم تكن تحققاً موضوعياً لحكم الشعب للشعب.
6/الإطلاق والنسبية:
الشورى بنص الآية :” و أمرهم شورى بينهم” حكم إلهي مُصلح لكل زمان و مكان، بينما الديمقراطية فلسفة وضعية بشرية – حتى لو ظُنّ أنها تصلح لزمان و مكان معينين- =فسيتجاوزها الاختلاف (الزمكاني) كما تجاوز غيرها من فسلفات البشر الوضعية.
7/هل هناك بديل إسلامي ؟
- ليس بالضرورة أن كل من نقض الديمقراطيّة و أبرز إشكالاتها = أن يكون مناصراً للديكتاتورية؛ فهذه سذاجة فكرية!
بل النقد الفلسفي الموجّه للديمقراطيّة كثير منه خارج من رحم الفسلفة الغربية حتي قيل عن بعض فلاسفة بريطانيا : لو حُوكت الديمقراطية ديمقراطياً بين الفلاسفة بقياس من معها و من ضدها لخرجت الديمقراطية خاسرة!
- ممن كتب في إشكالات الديمقراطية و البدائل السياسية للإسلام بروفسيور جعفر شيخ إدريس في عدد من المقالات في مجلة البيان، و كان يُقدّم طرحاً إسلامياً يُسميه (القسطية) كبديل عن (الديمقراطية)، يحسن مطالعته من هنا لتكميل المقال .
- وكذلك ممن كتب في محاولة إيجاد البدائل الشيخ عمر عبد اللطيف محمد نور حيث كتب رسالةً اسمها ” التَّشْوَقِيَّة الشرعية بديلاً للديمقراطية الوضعية ” كبديل إسلامي للديمقراطية، و هي رسالة لطيفةنافعة جداً ، يمكن مطالعتها من هنا .
- من باب الطُرفة : فالديمقراطيّة تم توظيفها و التجارة بها في كثير من البلدان العربيّة الحاليّة – ولا تزال – ثم ينكشف الوجه الديكتاتوري الخالص لكثير من مُدّعيها؛ و مع هذا لا يزال بعض المُتلهفّين خلف كل ثقافة غربيّة طارئة يدعون لتصحيح الاستمساك بالديمقراطية،و أن التجربة التوظيفية منفصلة عن المفهوم، و هذا المنهجيّة لا يتم التعامل بها مع الشريعة الإسلامية عندما تُوظّف توظيفاً فاسداً ؛ فهو كيل بمكيالين ونظر بأحد العينين!
ما شاء الله مقال رائع وواجهة مستخدم جميلة وسلسة
وفقك الله حبيبنا
الله يكرمك حبيبنا طارق ، آمين وإياكم ، شكر الله لكم المرور الكريم