دعني أحدثك بأمرٍ يُعتبر من أعمدة العلمنة ولكن يتم تمريره وسط المسلمين اليوم، ويُستأجر فيه كثير من الدجاجلة المعاصرين ليروجوا له..
الوطن في المصطلح الحديث ليس هو الوطن المعروف لغة ولا شرعاً، ليس هو مجرد مكان نشأت فيه وتربيت فيه وتعلقت به وأحببته فهذا من الفطرة السليمة، وحبه مطلب..
ولكن حينما تتحدث عن الوطن الحداثي اليوم فأنت تتحدث عن حدود قطرية غير موضوعية بتاتاً تقاطع بين الثقافات المتوافقة وتشابه بين الثقافات المختلفة؛ لأنها حدود اعتباطية رُسمت كثير منها باتفاقية سايكس – بيكو.
لذلك هي تفصل بين إنسان شمال السودان وجنوب مصر رغم تقارب الثقافات بينهما لحد كبير أكثر من غيره من أبناء بقية السودان،ليس لأي قيمة موضوعية، مجرد خطوط كان يمكن أن تتغير حسب مزاج من رسمها.
ليس هذا فحسب، بل هذا الوطن الحديث له شبكة وقيمة جديدة عابرة للدين والقيم والأخلاق؛ فهو يتعامل مع من يحمل وثقية بيروقراطية تسمى الجواز أو الجنسية يمكن أن يتحصل عليها من تحقق فيه شرطها بغض النظر عن دينه، وعليه فمنظمومة الحقوق والواجبات مبنية على هذا الأساس الوهمي العابر للدين بالكلية الأمر الذي يُسقط كثيراً من منظومة التشريع الإسلامي ويناقضها تماماً،بل يجعلها متعذرة التطبيق تماماً لا عملياً ولا نظرياً( أحكام مثل ما يتعلق بأهل الذمة والجزية والجهاد على أساس ديني والتفرقة في القضايا بين مسلم وغيره والردة وأحكامها… إلخ كلها ملغية هنا).
وعليه فهذا الوطن الحديث يبني قيمة ولاء وبراء جديدة مختلفة عن قيمة الولاء والبراء العقدي، فتوالي على أساس من كان مواطناً، وتعادي من لم يكن كذلك، ويعتبر شهيداً من مات في سبيل هذا الوطن، ولا يعتبر شهيداً من مات في سبيل الدين بل قد يكون إرهابـ.ياً من يفعل ذلك؛ القيمة هي الوطن ولا قيمة تعلو عليه.
ولذا سيردد البلهاء: “الدين لله، والوطن للجميع “..
سيتم النظر في الفضاء العام كله على أساس هذه القيمة الوهمية المسماة بالوطن سواء في التشريعات أو الاقتصاد إو السياسة أو القانون، افعل ما شيئا لرفع قيمة الوطن ولو كان على حساب دينك وعقيدتك.
هنا ستعلم أن الوطن وثنٌ معاصر يُعبد ويردد صداه.
والحديث يطول لكنها إشارة فقط، لكثرة الدجل المعاصر حول مفهوم الوطن.
