النسوية

الذكورية الجديدة ــ بوادر التشكل ومعالم التطور (2)

الذكورية

بدأت بوادر الذكورية في الفكر الغربي جرّاء استفحال الشأن النسوي وشيوعه والذي كانت استمداداته مخدومة بجملة من الجوانب السياسية كنسوية المراكسة الإشتراكية ونسوية الإتجاه الرأسمالي ونسوية التعنصر السوداوي ومن جهة ثقافية كنسوية الراديكال وجوانب عَقدية كنسويات ما بعد الحداثة والتي فتحت أمام المجتمع النسوي فرصة لمزيج بين المتضادات الدينية كنسوية الإلحاد والنصرانية ونسوية التلفيق الإسلامي وأبنية حقوقية كنسويات العمال والتظلّم وهذه المنابت مجتمِعة أكسبت التيار النسوي صلابته وقوة خطاباته وحِدة مواقفه تجاه كل ما هو مخالف لها = الأمر الذي جعل ظهور تيار فكري مستقل بأدواته الدفاعية أمر ليس بالسهل فتخِذت بوادر الذكورية ذات الحِيل النسوية كتجريم كل ما هو نسوي كالتراشق اللفظي وكَيل مهول الشتائم للنساء مبدأ رسمياً واضحاً للقضاء على ذي النسوية وظلالها المجتمعي فعَلت فيهم أدبيات فلسفية كبعض المقولات السقراطية في المرأة وشيء من حمولات حقبة الأنوار والأدبيات الكنسية التي تحقِّر المرأة وتحط مكانتها كبنية نظرية لمعاركهم وذلك بسبب تأثر الفكر النسوي بالفلسفة الديكارتية في كثير من قضاياه كقضية المساواة التي استقينها من (ثنائية الروح والجسد وعدم تأثير الجسد على الروح مما لزم كون العقل لا تأثر له بالأعضاء كموضوع الجنس ــ ذكر / أنثى ــ فبالتالي لا عبرة بتمييز يُبنى على هذه الجنوسة لطالما أنعدم تأثير الجسد على الروح/العقل = فتتساوى بذلك الإناث والذكور عقلآ فلا تفاوت حينها) فكان داعي التفلسف شاغل للذكورية في بواكيرها.

التضاد الشديد بين النسوية والأصولية بوصفها اتجاه ديني يأطّر لعبودية النساء بحسب تعبير النسويات جعل الفكر الذكوري متقبَلاً في الوسط الأصولي ففي العام 1994م طرحت مجلة الأكنومست ثلاثة مقترحات بدراسة مبثوثة في الشبكة بغية القضاء على الأصولية واحدة من هذه الاقتراحات هي النسوية وذلك بغرض القضاء على الفوارق والمباديء الأصولية الفاصلة بين الرجل والمرأة وهو الأمر الذي يتعذر فعله بغير تنامي النسوية بصورة كبيرة وسط المجتمعات الما بعد حداثية.
لذلك وجدت الدعاوى الذكورية في بواكيرها رواجاً كبيراً في الأوساط الأصولية بسبب ذي الشارات الأكاديمية ونما مرة أخرى تيار الذكورية المسماه بعشيرة الباكلاش Baclash Clan الباكستاني و زادت شهرته ورواده.

منزع التمركز حول الذكر الذي تبنته النسوية الحديثة وجعلها للقيم من شاكلة التحرر الإقتصادي والتحلل من النفقات الرجالية والعصمة والدعوة للاستغناء عن الرجال بالنساء فتح الباب للذكورية في استعطاف رواد جدد بمخاطبة العاطفة عندهم بأن النساء استولين على أخص خصائصنا والتي بغيرها نحن مجرد إناث بلا روح ذكورية وهذه في فيلم Red Pill أوضح وأبين.

فبالتالي خلاصة القول عزيزي القارئ الذي يجدر بك التنبه له هو : أن هذه المنازع الذكورية هي وليدة السياق النسوي الغربي ولا وجود لها لا أصلاً ولا تبعاً في عالمنا الإسلامي من جهة النشأة والتطور وما وردتنا إلا بعد سلسلة من المراحل والعقود البنائية وهذا يعين المصلح كثيراً في نواحي التعامل معه؛ لأن مجرد عدم وجودية الفكر الذكوري في المخيال والتراث التاريخي الإسلامي حجة متينة في دفعة وركله للخارج.
وكما تقدم عندنا في بداية الكلام أن الذكورية قامت بعد نزاع سياسي وثقافي وفكري وديني ومجتمعي خاضته الحركات النسوية.


لكن ثمة سؤال مهم نطرحه :
ماهي الذكورية المتحقِقة في الحالة الإسلامية؟ وهل هي بذات الطبيعة الذكورية الغربية أسباب وأدوات في محاربة الفكر النسوي؟
وهو ما سنتناوله في مقالنا القادم، والسلام …

السابق
يسألونك عن “التحرش” فقل
التالي
دورات حفظ السنة النبوية سياسة العقل وصيانة النقل

اترك تعليقاً