النسوية

النسوية والأسرة

تخِذت التيارات النسوية المختلفة مواقف متباينة من الأسرة نظرآ لإختلاف خلفياتها السياسية التي انبنت عليها نظراتهم للبنى الإجتماعية فالنسوية الليبرالية مثلآ ترى ضرورة إصلاح الأسرة في بعض الجوانب مع الإبقاء على أصلها ووضعت بشكل واضح تيك الجوانب التي تحتاج لإصلاح أجملتها في الخلل الإقتصادي والوضع المعيشي الرديء التي ظلت تعاني منه المرأة جرّاء عدم استقلاليتها المالية و اقتصار قِوامتها على الرجل وتفصيله لإحتياجاتها وفق أهواءه الذكورية وأشهر صاحبات هذه النزعة النسوية الشهيرة (إيزورا دانكن) في كتابها (من الحركة إلى النظرية الإجتماعية ــ تاريخ قرنين من النسوية) والتي نقلت جملة أدوات خادمة لتنظيرات النسوية الداعمة للإصلاح الأسري وفق المفهوم النسوي كدعوتهن للتخلص من الحرمان الوظيفي وتوسيع دائرة العمل العام ليشمل المرأة وضمان التمثيل العادل للمرأة في كافة الشؤون السياسية وهذه أبرز سمات النسوية الليبرالية في أوجها الأول غير أن ذات النسونة الملبرلة في موجتها الثانية وسّعت دائرة الإصلاح لتشمل المناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة في العقود التزاوجية وتزعّمت هذه المناداة العالمة الإجتماعية جيسي بيرنارد وهي أكثر النسويات حضورآ في تنظيرات النسوية التلفيقية المسماه ب (النسوية الإسلامية) لاعتدال مواقفها بحسب مزاعمهن!
موقف مضاد وهو للنسوية الماركسية والتي دعت للتخلص من الأسرة بصورة كاملة والانقضاض على جميع حبال الوصل بينها وبين المرأة ففي أشهر أسفار المراكسة لمؤلفه إنجلز ( أصل العائلة ــ الملكية الخصوصية والدولة) ترسيم جلي للطريق النسوي لهدم الأسرة بدءآ من تصنيفه للزواج المعروف بالزواج الخاطيء وصولآ لدعاوى التحرر الكامل من كاهل الروابط الأسرية وضرورة تفكيكها بحجة التحرر من قبضة الذكورية وهي القشة التي تتمسك بها نسويات العصر الحالي
بل تطور الأمر حتى وصل لتجريم الزواج واعتباره مظهرآ اضطهاديآ للمرأة وتشبيه المنزل وعزلته بالسجون والتنديد بإلغاء دورها كمربية وبانية لبنات الأسرة حتى التخلص من الأدوار بين الجنسين عن ذريق المساواة المدعاه

ما السر في فرح واستبشار طيف نسوي من ظاهرة كثرة حالات الطلاق?
ــ ترى النسوية أن الطلاق وانفصام عُرى العلاقة المشروعة بين الجنسين نوع تحرر فردي وتلاشي لقبضة الذكورية وانعتاق من عبودية المنازل التي لا تعدو كونها دورة تدريبية للنساء على العمالة المنزلية يمكن الاستغناء عنها بأقرب مراكز تدريبية وهذا هو السر في فشو ظاهرة التوريش والتدريب المهاري والمعرفي وسط المجموعات النسوية ومنظماتها الفاعلة إذ تسعى لتقديم بدائل نسوية وسد حاجة المرأة التي توفرها الأسرة ومحاضن الزواج المعلوم

بالنظر للمواقف النسوية السالفة من الأسرة يتبيّن خطورة الأمر فليس مقتصرآ بالمناداة بالحقوق والواجبات المهضومة فذي أبجديات أولية في الخطاب الشرعي بل أهم شرط أغلظ فيه الشارع توفرآ في الخاطب في أولى مراحل تكوين الأسرة هو شرط الكفاءة العقلية والمادية والأخلاقية والدينية وعُدّ تقصير القيِّم الأسري عن إعالة العِيال ضربآ من الخيانة للأمانة وتأثيمه الشديد كما في النصوص النبوية والتشديد على أمور التزويج وعدم المجاملة فيه وبل مجمل الوعيد المترتِب على التلاعب بالأعراض والتهويل الحاد من للتفكك الأسري كلها دلائل متفرقة عن الموقف الشرعي من قضية النساء والمجتمع فما ثمة حاجة للنسوية

السابق
دورات حفظ السنة النبوية سياسة العقل وصيانة النقل
التالي
المفيد المعتصر من كتاب العالمانية طاعون العصر

اترك تعليقاً