النسوية

يسألونك عن “التحرش” فقل


التحرش -باختصار- هو: أي صيغة قولية أو فعلية غير مرغوب فيها ذات طابع انتهاكي للجسد أو الخصوصية أو المشاعر ويتم بالإكراه و/أو بالإجبار والتهديد. وهو الأمر الذي يجعل المُتَحرَّش به في حالة عدم ارتياح، أو عدم أمان، أو خوف، أو شعور بالإهانة وعدم الاحترام له، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد مُشتهى ومبتذل ورخيص.

  • المصطلحات:
    التحرش = harassment و هو المضايقات في شكلها العام.
    التحرش الجنسي = sexual harassment.
  • مجال الإصابة: نفسي وجسدي واجتماعي.
    ويمكن أن يأخذ التحرش أكثر من شكل من الأشكال تكون إما متفرقة أو مجتمعة مع بعضها، مثل:
    • التحديق والنظرة المتفحّصة: أو النظر بشكل غير لائق إلى جسم شخص ما، أجزاء خاصة من جسده و/أو عينيه.
    • التعبيرات الوجهية: إظهار أي نوع من التعبيرات الوجهية التي تحمل اقتراحًا فيه نوايا غير مؤدبة.
    • الندءات (البسبسة والسكسكة): التصفير، الصراخ، الهمس، وأي نوع من الأصوات ذات الإيحاءات العاطفية أو الجنسية.
    • التعليقات: إبداء ملاحظات جنسية عن جسد أحدهم، ملابسه أو طريقة مشيه/تصرفه/عمله، إلقاء النكات أو الحكايات الجنسية، أو طرح اقتراحات جنسية أو مسيئة.
    • الملاحقة أو التتبع: تتبع شخص ما، سواء بالقرب منه أو من على مسافة، مشيًا أو باستخدام سيارة، بشكل متكرر أو لمرة واحدة، أو الانتظار خارج مكان عمل/منزل/سيارة أحدهم.
    • الدعوة لممارسة الجنس: طلب ممارسة الجنس، وصف الممارسات أو التخيلات الجنسية، توجيه دعوات للخروج معًا، أو طرح مطالب جنسية مقابل إتمام خدمات، أو اقتراحات أخرى قد تحمل طابعًا جنسيًا بشكل ضمني أو علني.
    • الاهتمام غير المرغوب به (زول لصقة أو قُرادة يعني): التدخل في عمل أو شؤون شخص ما من خلال السعي لاتصال غير مرحب به، الإلحاح في طلب التعارف والاختلاط أو طلب رقم الهاتف، أو الإصرار على المشي مع الشخص أو إيصاله بالسيارة إلى منزله أو عمله على الرغم من رفضه.
    • الصور الجنسية: عرض صور جنسية سواء عبر الإنترنت أو بشكل فعلي على شخص بعينه.
    • التحرّش عبر الإنترنت: القيام بإرسال التعليقات، الرسائل و/أو الصور والفيديوهات المسيئة أو غير المرغوبة أو غير اللائقة عبر الإيميل، الرسائل الفورية، وسائل التواصل الاجتماعي، أو مواقع الحوار عبر الإنترنت.
    • المكالمات الهاتفية: عمل مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل نصية تحمل اقتراحات أو تهديدات جنسية.
    • اللمس: التحسس، النغز، الحك، الاقتراب بشكل كبير، الإمساك، الشد وأي نوع من الإشارات الجنسية غير المرغوب بها تجاه شخص ما.
    • التعري: إظهار أجزاء حساسة أمام شخص ما أو الاستمناء أمام أو في وجود شخص ما دون رغبته.
    • التهديد والترهيب: التهديد بأي نوع من أنواع الاعتداء الجنسي بما فيه التهديد بالاغتصاب.
    • التحرش الجنسي الجماعي: تحرش جنسى (شامل الأشكال السالف ذكرها) يرتكبها مجموعة كبيرة من الاشخاص تجاه فرد او عدة افراد.

من؟ وأين؟ وكم؟

  • التحرش قد يقع من الأقارب أو الغرباء وغيرهم.
  • وذلك في أي مكان يراه المتحرش مناسبًا، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، مثل: الشوارع، أماكن العمل، المواصلات العامة، المدارس والجامعات، المطاعم، الأسواق التجارية، داخل المنزل، عبر الإنترنت، وغيرها.
  • تقول الدراسات المحلية أن هناك حوالي 3-5 ألف حالة اعتداء وتحرش ضد الأطفال والنساء والرجال دونت في المحاكم خلال السنوات الخمس الماضية !

سبل المواجهة والوقاية

ويمكن تقسيمها بحسب المسؤولية إلى نقاط متعلقة بالمتحرش به، وأخرى متعلقة بالمتحرش نفسه، وثالثة متعلقة بالجهات الطوعية الحادبة على سلامة المجتمع، وأخيرة متعلقة بالمؤسسات والجهات الرسمية.
وسنذكر هاهنا أهم بعضها، والمتمثلة في:

  • التبليغ الفوري من طرف المتحرش به لولي أمره أو الجهات ذات الصلة.
  • تكثيف حملات التوعية بحجم الظاهرة، وكيفية التعامل مع التحرش، وضرورة عدم لوم المتحرش به فقط.
  • إنشاء وحدات بحث متخصصة تعمل على القضايا المتعلّقة بالتحرّش.
  • ضرورة إصدار نظام أو قانون يتصدى لظاهرة التحرش في أي مكان والأهم ألا يفرق بين الرجل والمرأة.
  • السعي إلى إيجاد مؤسسات آمنة (شركات / مدارس / جامعات … إلخ)، فالوقاية هي السلاح الأكثر فعالية في التصدي للتحرش باتباع الخطوات التي يمكن عبرها تقليل احتمالية حدوث التحرش في هذه البيئات.
  • فتح خط ساخن لاستقبال الاستشارات النفسية والقانونية للمتعرضين للتحرش.
  • التخفيف من التركيز على أن الإناث هن الأصل في المشكلة دومًا.
  • التأكيد على أن التحرش غير مقبول اجتماعياً، من خلال الاعتراف بوجود المشكلة بالدرجة الأولى، وإنهاء ثقافة التسامح مع مرتكبيه، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، وإنهاء ثقافة الصمت لدى الضحايا.
  • تطبيق الهدي الرباني والتوجيه النبوي في الحياة العامة من الالتزام بغض البصر واللبس الشرعي منعًا للإغواء والإغراء، مع عدم الخضوع بالقول فالذي في قلبه مرض موجود وسيقتنص الفرصة ولا بد.
  • التقليل من العوامل التي تساعد على تفشي هذه الظاهرة، كتفاقم مشكلة البطالة والفراغ والإدمان على الانترنت والتلفزيون، إضافة إلى التأخر في الزواج، وغياب الوازع الديني بشكل كلي، وهذا كله لا يبرئ بعض النساء من التسبب في هذه الظاهرة من خلال تعمدها سلوكيات غير مقبولة (كارتداء ملابس مثيرة، التبرج، طريقة محادثتها للآخرين … إلخ).
  • حرص الدعاة والمربين والآباء والمؤسسات على تعميق منظومة الأخلاق والقيم، والاهتمام بالبناء الإيماني والتزكوي للمجتمع، مع إشاعة ثقافة التربية الجنسية المتزنة في هذا الإطار.
  • حرص الجهات ذات الصلة بتعيين موظفين ذوي تأهل نفسي وأخلاقي وسلوكي قبل التأهل المعرفي والأكاديمي.
  • التعاون والتشبيك والشراكات بين الجهات المهتمة والمسؤولة عن مثل هذه الملفات، وتبادل الخبرات بين هذه المؤسسات، وعقد اللقاءات التدريبية والتوعوية للقائمين عليها.
    ومن المبادرات الجيدة التي بدأت في العمل:
  • مبادرة “لا للصمت”: وهي منظمة تعمل في مكافحة التحرش بالأطفال في السودان.
  • “سيف سيتي” (مدينة آمنة): هي منصة تجمع قصص شخصية عن التحرش الجنسي في الأماكن العامة بالهند.
  • “رام الله ستريت واتش” (عين على الشارع) وهي تعمل على الإبلاغ عن التحرّش، ودعم الناجيات من هذه الحوادث في فلسطين.
  • “قاومي التحرّش” تعمل ضد التحرّش في لبنان.
  • “شوارع آمنة” لديها نظام للإبلاغ عن والإنذار من التحرّش في اليمن.
  • “نايم آند شايم” تعمل ضد التحرّش الجنسي في باكستان ولديها نظام للإبلاغ عنه.

ختامًا خلاصات مهمة :

  • التحرّش حدثٌ غير عادي ولا يمكن تجاهله هكذا.
  • التحرّش جريمة.
  • لا يصح أن يُترك الأمر للمتحرّش ليقرر هو ما الذي يُعدّ تحرشًا وما الذي لا يُعدّ تحرشًا.
  • الخطأ في التحرّش مشترك بين الأطراف كلها، وتتفاوت نسبته بينهم من حالةٍ إلى أخرى.
  • لا يمكن حماية المتحرش به بعزله عن المجتمع والحياة، ولكن الحماية تتم عن طريق محاولة توفير الأمن له فى كل مكان، وتفعيل القوانين، ووجود الاحترام المتبادل بين الجميع.
  • أخطر ما في الأمر أن التركيز على مواجهة التحرش وتجريمه قد يفتح الباب لا شعوريًا لقبول العلاقات التي تقع عن تراضٍ بين الطرفين ! ، بل قد يجعل المتحرش به هو الذي يحدد من يصنف فعله كتحرش مرفوض أو كتفاعل عاطفي مقبول !، هذا غير تضخيم ظاهرة التحرش من أجل توظيفها لتحقيق أهداف سياسية وآيدلوجية وفكرية!
  • الدين والعادات والتقاليد السمحة قادرة وبسهولة على مواجهة هذه الظاهرة لو استقرت في قلوب الناس وأعطيت المساحة التي تستحقها.
  • بعض المصادر الإثرائية :
    ١. تجريم التحرش الجنسي وعقوبته – رسالة ماجستير – إعداد الطالب مهند الشعيبي – إشراف الدكتور جلال الدين صالح – جامعة نايف للعلوم الأمنية.
    ٢. الجسد بين الانتهاك والخصوصية: رؤية لظاهرة التحرش الجنسي في مصر- مريم وحيد مخيمر – مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
    ٣. Culture and the Sociology of Sexuality: It’s Only Natural? – The ANNALS of the American Academy of Political and Social Science 2008.
    ٤. Sexual Harassment in the Arab Region: Cultural Challenges and Legal Gaps – Nehad Abul Komsan – Findings from the Conference on “Sexual Harassment as Social Violence, and it’s Effect on Women” CairoDecember 2009.

السابق
الذكورية الجديدة … بوادر التشكّل ومعالم التطور (1)
التالي
الذكورية الجديدة ــ بوادر التشكل ومعالم التطور (2)

اترك تعليقاً