تعتبر الحركة النسوية بأجيالها المتعاقبة ومدارسها المتعددة غربية المنشأ والفلسفة والسيمياء العام لكنها انتقلت للعالم العربي بعدة قنوات الوصل الاستعماري كما العالمانية فمن نسوية جاءت مع الغزو العسكري للأقطار والدول لنسوية ثقافية تزامنت والتغريب العلمي النظامي فنسوية وفدت إلينا عبر الإبتعاث الدراسي من ثَم أستحوذت الأكاديميا الغربية على فضاءات العالم الإسلامي بتكنولوجيا الإجتماع الرقمي فباتت الأفكار النسوية داخلة ضمن أدوات البحث العلمي ومحركاته وإحدى رمزيات جودة البحث وفرص إنتشاره وقبوله مما ساهم في بناء تطبيع واسع للفكر الدخيل وسط الجيل المثقف عبر السينما والمرويات والسلطة الإعلامية البصرية والسمعية وغيرها.
رصد حركة المدافعة للنسوية في سياقها الغربي يأخذ الباحث لجملة من مظاهر هذه الدفوعات للسردية النسوية خاصة نسوية ما بعد الحداثة فثمة حروب أكاديمية من دراسات ناقضة لأس الفكر النسوي وظلاله على المجتمع الغربي إلى جهود بحثية في دراسات سيسيولوجيا الفمنزم وملابسات تكونها وتشكلها وأهم لوثاتها على المجتمع وسبل مكافحتها إلى تشكل تيارات مضادة لرد هجومها على القيم الغربية نفسها ــ بحسب زعمهم ــ فكان #التيار_الذكوري أبرز ذي المعاول الهدمية للنسوية فتخِذ الذكوريون نفس أدوات الفمنزم في ردها ومجابهتها كدعاوى الاستغناء عن المرأة والتبتل عن الوصل بها وإعلاء عقيرة الشذوذ الجنسي والاستمتاع بالحيوانات بغية تقليل الاحتكاك بالنساء كمسلك عكوس لعزوف النسوية عن الرجال وبل وصل الأمر للتطرف بمستوياته الجسدية تجاه النساء كتبني حركات التقتيل والتعنيف لكل ما هو أنثوي ولعل شعار (MGTOW) الذي يعني (الرجال في طريق والنساء في طريق) والذي ظهر عقب الفلم الشهير Red Pill (الحبة الحمراء والزرقاء النساء) وهو فلم أمريكي يتحدث عن حقوق الرجال والذي أدى بدوره لتبلور الذكورية بشكل سينمائي واضح.
إن تشكل الذكورية الغربية مفهوم بالنسبة للمسلم نظراً لغياب الفهم الفطري لتكاملية الأدوار بين الرجل والمرأة وسيطرت الفكر الذي يعلي من شأن التمركز والذات بجانب التطلع الرأسمالي لتجزءة وتقطيع المجتمعات لوحدات متناهية لتحقيق أكبر ربح تسويقي من جهة وانتشار أسرع للعقيدة الفردانية والعالمانية من جهات أُخر، لكن وفود الذكورية للمسلم وبل تبني ظلالها الفكرية ومزاعمها الأيدولوجية تحت ذرائعية القوامة وتفضيل جنس الرجل على المرأة دون النظر للبناء الفقهي للقضيتين لهو ضرب من ضروب الهوة بين التأصيل الصحيح والتنزيل الصريح وبروز عدة شارات تدلل على استفحال هذه البادرة الذكورية تتمثل في تصاعد الخطابات من نوع احتقار الأنثى والتقليل من شأنها وبل مهاجمة كل من تكلم عن مركزية القضايا النسائية في المدونة الشرعية والتاريخ الإسلامي ووسم مَن تبنى هكذا أقوال وحقائق بالنسوي المتأسم وتارة وصمه بالداعية التلفيقي كما حدث من عدد من المعاصرين ممن أصّل لقضية المرأة من الشرع تأصيلاً يراه الذكوري مجرد تنازلات واستجابة للمزاج الليبرالي الناظم للفكر النسوي الحديث
يضاف لذلك الحدة غير المرشدة في تعاطي مشكل النساء من قِبل تيارات سياسية إسلامية مع إهمال كبير في التركيز على هذه الشريحة المهمة.
ولا نعني بذلك التنكر لحقيقة تضخيم البعض للموضوع النسائي والإتجار به لكن التطرف والحيف لا يبرر مقابلته بالمثيل والندية!