الخلاصات العشرة في مسألة العلاقة بين المصائب والذنوب :
١ – المصائب والكوارث الطبيعية لها سببان : سبب مادي يُعرَف بالحس والتجربة، وسبب غيبي خفي يُعلَم بالوحي.
٢ – السبب الغيبي الخفي منه الذنوب والمعاصي، وهذا المعنى متواتر متضافر الأدلة في القرآن و صحيح السنة النبوية، وإنكاره إنكار لقطعيات الشريعة الرابطة بين الذنوب و المصائب والكوارث، بل هذا من المعلوم من الدين بالضرورة.
٣ – لا يوجد تنافٍ بين تفسير الظاهرة بسبب حسي مباشر و تفسيرها التفسير الغيبي؛ فالملائكة لهم وظائف وكّلها الله لهم كإنزال المطر، وهذا لا ينافي تفسير تشكل ظاهرة المطر تفسيراً مادياً.
٤- توهم التعارض بين السببين ضلت فيه فرقتان على طرفي نقيض :
أ- فرقة منكرة للسبب المادي الظاهري و قصرت الظواهر و الكوارث الطبيعية على السبب الغيبي؛ فتراهم في كل حادثة لا يلتفتون إلى السبب الظاهري كلياً و يقصرون تفسيرها على الذنوب والمعاصي فقط ووجوب التوبة منها، وهذا تفسير قاصر، ويقع فيه بعض جهلة الدعاة و الوعاظ.
ب – فرقة أخرى مناقضة للأولى، وهي أقرب للنظر الإلحادي في نموذجها المعرفي حيث تنكر الأسباب الغيبية مثل أثر الذنوب والمعاصي في تشكل الكوارث الطبيعية و الأحداث، بل وبعضهم لا يلتفت إلى جانب التعبد والتضرع في المصائب،وهؤلاء على ضلال كبير فبين مستقل ومستكثر منه قد يصل به لحد الكفر بالله.
وكلا طرفي قصد الأمور ذميمُ، و الحق وسط بين طرفي النقيض.
٥ – السبب الغيبي منه الذنوب والمعاصي؛ وبما أنه غيبي فلا يتم تحديده جزماً إلا بنصوص الوحي.
٦ – و المقصود بالتحديد هنا هو التحديد الخاص المعين القاطع؛ كأن يُقال : مصيبة كذا وكذا نزلت بمنطقة كذا وكذا؛ لأنهم فعلوا كذا وكذا – قطعاً وجزماً -.
هذا التحديد خطأ؛ ففيه تقوّل على الله في أفعاله وحكمته.
٧ – وأما التحديد العام من غير تعيين و لا قطع كأن يُقال : المعاصي سبب للشر و المصائب والكوارث، و (لعل) حادثة كذا كذا (قد) تكون بسبب ذنب كذا وكذا = فهذا مرغب فيه ومطلوب شرعاً؛ لأنه مرغب في الطاعة و منفر من المعصية، و فيه تشكيل وعي المسلم في تفسير الأحداث الكونية وتلمُّس الحكم الإلهية.
٨- احتمال العقوبة وارد في جميع المصائب من غير جزم وتعيين، و يقوى الاحتمال بحسب حال المصائب و قرائنه.
٩ – ليس كل مصيبة أو كارثة تقع = فهي عقوبة على ذنب، فمن المصائب ما هو مجرد ابتلاء، ومنه ما هو تمحيص وتطهير، و منه ما هو تأديب لعُصاةِ المؤمنين، ومنه ما يجتمع فيه كل ما سبق أو بعضه، ومنه ما يخلو من كل ما سبق و يتمحّض في سبب ظاهرٍ محسوس.
وفهم هذا يجاوب على السؤال المتكرر :
لماذا نزلت عقوبة كذا على المسلمين، و لم تنزل مثلها على الكافرين؟
١٠ – لله حكمة بالغة في إنزال العقوبة بصنف من عباده دون آخرين؛ فمن حكمته الاستدراج لموطن معين ، ومن حكمته الامهال للتوبة ، ومن حكمته الزيادة في الفرح بالنعم، ومن حكمته الإمداد في الضلال، إلى غير ذلك من حكمه الباهرة التي تعجز عقول البشر عن إدراك كلها؛ وعليه فمن الجرأة على الله استعجال عقوبته على صنف من الكفار أو العصاة استمراءً و اختباراً له – جل وعلا – ؛ فتنبّه!
_
للاستفاضة في أدلة هذه الخلاصات :
١ – بحث : علاقة المصائب بالذنوب و عقوباتها الإلهية (دراسة عقدية)، د. سعود العريفي
٢- ورقة: الأصول الشرعية لتفسير الأحداث، د. سلطان العميري