الإضعاف من حدّية ثنائية إسلامي / عالماني تزرُّعاً بأننا نعيش في ظل نظام دولة حديثة خالية من المضمون الديني و الأخلاقي = إضعافٌ فيه تخازل و خمول عن مبدأ حاكميّة الشريعة و ذلك في نقاط :
- صحيح أن نظام الدولة الحديثة نظام مبني على أساس الفلسفة المادية التي تنتزع كل ما هو ( غيبي / ديني / أخلاقي ) و هي تمثل البنت البارة بأمها و هي الحداثة المعاصرة التي زُرِعت في العالم العربي بالاستعمار الأوربي لعدد من الدول العربية ردحاً من الزمان؛ و عليه فبِنية الدولة الحديثة القُطريّة متنافية مع بِنية الدولة الإسلامية بحيث تناقضها تماماً إلا في الأدبيات الليبرالية التأويلية المعاصرة التي تحاول تذويب مضامين الدولة الإسلامية لتتوافق مع الدولة الحديثة!
- الدولة الحديثة – كما يقول توماس هوبز – مثل التنين في تعقيدها و تجذرها في هذا العصر السياسي، و لكن هذا البلاء الذي وضعه المستعمر ليس مبرراً لكي نرضخ لدولة عالمانية قلباً و قالباً و نحن لنا مفهومنا الإسلامي للدولة و تاريخنا ناصع بتوالي دولة الخلافة الإسلامية و تعاقبها على الأجيال في وقت كانت أوربا – المستميتة في دولتها الحديثة هذه – تعيش قرون الظلام ( القرون الوسطى المظلمة)، فعلامَ نُعطي الدنيّة في ديننا!
- من المعلوم أن من مقاصد التشريع الإسلامي قوله تعالي : ” فاتقوا الله ما استطعتم”، و قرره السعدي – رحمه الله تعالى – في القواعد الفقهية :
و ما استطعتَ افعل من المأمورِ * و اجتنب الكلَّ من المحظورِ
و كما صرّح السيوطي في الأشباه و النظائر نقلاً عن سلطان العلماء العز بن عبد السلام أن قاعدة : ترجيح المصالح و تكميلها و درء المفاسد و تقليلها يرجع إليها الدين كله.
و عليه فإن وجود دولة بهذا التعقيد العالماني ينبغي مراعاة هذه المقاصد الشرعيّة معها؛ فعدم المقدرة على تحكيم الشريعة بكمالها في ظل هذا البلاء المستحكم لا يعني ترك الشريعة كلها و الرضوخ لهيمنة النظم العالمانية عليها بكمالها! - فهم الدولة الحديثة ثم محاولة تفكيك مضامينها و فرز تناقضاتها مع المفهوم الإسلامي ثم تطبيق ما أمكن من الشريعة؛ فما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُله، و التعامل معها بفقه الاضطرار لا فقه الاختيار سيكون خطوة إيجابية في حاكمية الشريعة.
- ينبغي أن تكون هناك أحلام لتحطيم هيكلة الدولة الحديثة على الوطن الإسلامي و بناء دولة الخلافة الإسلامية مع استحضار العامل الزمني الطويل و المخزون الفكري المتين الذي قد يُحتاج له لتحقيق هذا الأمر، لكن ليس الحل بالرضوخ لهذه العالمانية الصارخة.
-يقيني أنه لا يخلو زمان من إمكانية تحكيم الشريعة و لو استحدث الزمان ما استحدث بدليل حديث أبي هريرة الذي رواه الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (… لينزلن عيسى بن مريم حكماً عدلاً فيقتل الخنزير و يكسر الصليب و يحكم بالإسلام…) فحتى في علامات الساعة الكبرى من تفاصيلها إمكانية الحكم بالتشريع الإسلامي.
- الإضعاف من هذه الثنائية جهل بالواقع – حتى في ظل الدولة الحديثة – لو رأينا الآن إلى عدد من الدول العربية التي حُكامها ذوو نظرة عالمانية = لوجدنا :
تضييقاً للعمل الإصلاحي و تنديداً بالدعاة إلى الله كما في بعض دول الخليج، و كبتاً للصوت الإعلامي للحق، و فتحاً للباطل على مصراعيه بتلميع الوجوه العالمانية و الأصوات الليبرالية بل و التأثير على المناهج التعليمية للصغار كما فعل الإنقاذ في حذف مقررات التوحيد، و منع النقاب للنساء كما فعلت العالمانية في تونس و تغيير الأحكام و الحدود الشرعية في البرلمان الأثيم و هذا كثير جداً…. و هلمّ جرّاً. و
هذا كله من تأثيرات ثنائية إسلامي /عالماني – حتى في الدولة الحديثة – بحيث لو كان الحكم إسلامياً – بحق-لكانت النتائج مُغايرة.
يحتاج ذلك لعمل دؤوب ولهمم عاليه ولبرنامج يواكب الأحداث وقبل ذلك كله صدق النيه وإخلاص العمل لله
نعم فعلاً كما ذكرت ، شكر الله مرورك الكريم .